تقول الحكمة “إذا أردت أن تُطاع فأمر بما هو مستطاع.”
وأقول أنا “إذا أردت أن تُطاع فكن إيجابياً قدر المستطاع.”
قبل أن نبدأ الحديث عن مدى اهمية تبني الإيجابية في كل مناحي وتفاصيل الحياة وخاصة في العمل. لنتأمل أَولاً ما المقصود بالشخص الإيجابي.
هو باختصار الإنسان الذي يبحث عن العلاج ولا يبكى على العلة. الإنسان الذي يرى في كل مشكلة فرصة لإيجاد حل، لا عثرة في الطريق.
إذا وجدت هذا الشخص، ستجده يتمتع بجاذبية المغناطيس لمن حوله، يستشيرونه ويطلبون مساعدته، ويطيعون أوامره بشكل لا شعوري. إذا كان كذلك، فهل هناك أفضل من هكذا قائد؟ يا سادة ما الشخص الإيجابي سوى قائد بالفطرة.
وكما اعتدت معك صديقي القارئ سأقص عليك ما سمعت من قصص في هذا الشأن، وأما المغزى منها فسأترك العنان فيه لعقلك وقرارك.
يقولون أنه كان هناك مدير لمطعم يدعى جيري، كان جيري يتمتع بصفة الإيجابية بشكل كبير، فكان دائما في مزاج جيد، وكان لسانه ينضح بالعبارات الإيجابية وكأن لديه قاموسا لهذه العبارات يحتوي على الآلاف منها.
كان جيري مديرا مميزا يحيط به مرؤوسيه معظم الوقت، حتى أن أصحاب المطاعم التي عمل بها جيري كانوا يخشون خسارته، فهي تعني خسارة العاملين والموظفين جميعا، فهم يتبعونه حيث يذهب.
وكان السبب في ذلك أنه كان يبث فيهم الإيجابية والتحفيز لاشعوريا، فهذه هي طبيعته.
وذات يوم سأله أحد أصدقائه “جيري، كيف تستطيع أن تكون إيجابيا طوال الوقت؟ ما السر وراء ذلك ؟”
فرد جيري قائلا “السر في القرار، فأنا أستيقظ كل يوم وأمامي اختياران، إما أن أقضي يومي بمزاج جيد أو أن أقضيه بمزاج سيء، وأنا أختار المزاج الجيد الذي لا يعكره شيء، هكذا أرى كل عثرة أصادفها فرصة للتعلم، فأتلقاها وأحلها بإيجابية، هذا كل ما فى الأمر.”
وكم كان يتمنى صديق جيري أن ينظر إليه وهو يتصرف بإيجابية نحو أي مشكلة يواجهها ويراه رؤية العين، ولكن أمور الحياة لم تترك لهم المجال فانشغل كل منهم في حاله إلى أن تلقى الصديق مكالمة هاتفية يخبره فيها أحدهم أن جيري أصيب بطلق ناري ونُقل إلى المستشفى وأجرى عملية خطيرة، ولكن حالته استقرت وبإمكان الصديق زيارته.
طار الصديق إلى المستشفى، وبعد لقاء حار ممزوج بالتأثر والتمني بالشفاء، سأله صديقه عما جرى، فرد جيري: تركت الباب الخلفي مفتوحا سهوا، فدخلت عصابة من ثلاثة أشخاص وطلبوا مني إخراج المال من الخزينة، وحين شعروا أني أماطل حتى تصل الشرطة أطلقوا علي النار وهموا بالفرار.
هنا توقف جيري عن الكلام حتى يتناول جرعته من الدواء، فدخلت الممرضة وسمعت آخر ما قال جيري، فردت قائلة: سيدي للحديث بقية ولكن السيد جيري لم يقصها عليك، فقد وصل إلى الرعاية وهو مصاب إصابة خطيرة، وحين رأيناه كنا على يقين من أنه لن ينجو منها، وأثناء نقله إلى غرفة العمليات وجدناه واعيا ينظر إلينا وقد ملأ التشاؤم وجوهنا، وكأن عيوننا تقول له أنك ميت لا محالة.
ثم سكتت لحظة واغرورقت عيناها بالدموع وتابعت: ثم سألته كإجراء عادي قبل أي عملية جراحية هل لديك أية حساسية من أي شيء؟ أتعرف ماذا كان رده؟
“نعم، لدي حساسية من طلقات الرصاص، أخرجوا الرصاصة من جسدي فأنا اتحسس من طلقات الرصاص، وتذكروا أنكم تجرون العملية لشخص حي لا لشخص ميت، فأصابنا الذهول والضحك وكأنه بقوله رد إلينا أرواحنا نحن الممرضين والأطباء وتنفسنا جميعا الصعداء، وأجرينا العملية بكل طاقة وحرص ومن يومها ونحن نطلق عليه اسم سيد إيجابي وليس سيد جيري”.
كان الصديق في حاجة إلى هذا بالفعل، أن يرى موقفا لجيري الإيجابي ليفهم من خلاله سر حب مرؤوسيه له.
جميع الحقوق محفوظة لموقع 7 اهداف