القائد بشر، يستطيع أن يجنب عواطفه عند اتخاذ القرار.

الحقيقة التي لا جدال فيها أن المدراء او رؤساء الفرق، ما هم إلا بشر مثلنا جميعا.

ما يجعل منهم قادة متفردين هو القدرة على اتخاذ القرار السليم الذي لا يخضع لمشاعر الحب والكراهية و الغيرة و الحسد.

 إن استطعت أن تتخذ قرارا دون أن تخالطه تلك المشاعر ، فهذا يجعلك ذا قدرة عالية على اتخاذ القرار السليم.

 

الآن تخيل معي أنك رُشحت، مع مجموعة لمنصب قيادي رفيع، يعتمد على اتخاذ القرار السليم بشكل كبير، فقررت الشركة اختبار قدراتكم جميعا على فعل ذلك.

وضع المختبرون المرشحين كلا على حدا فى غرفة مغلقة، ووضعوا أمامه شاشة عملاقة 

ثم شرحوا له أنه سيرى فيلما قصيرا لعربة قطار وحيدة ليس بها ركاب بل إن سائقها ترك كبينته منذ دقيقة وقفز من العربة لأسباب غير معروفة. 

 

وعلى القضبان يعمل خمسة عمال، أصوات ضجيج عملهم على القضبان تصم الأذان، لذا لم ولن ينتبهوا للعربة، وهذه حقيقة لن تتغير، لن ينتبهوا أبدا.

وعلى القضبان في الجهة المقابلة يعمل عامل آخر، ولن ينتبه هو الآخر إلى العربة أبدا.

الأن لديك عصا الكترونية، كل ما يمكنك فعله هو تحريكها للخلف فيتحول مسار القطار نحو العامل الوحيد بدلا من أن يتجه نحو الخمسة عمال.

سنترك لك الخيار.

ماذا ستفعل؟ 

انتظر كل المرشحين حتى اقترب القطار من الخمسة أفراد وحين تيقنوا من أنهم غير واعين للعربة، قاموا بشد العصا الإلكترونية للوراء، ما يعني تحويل العربة للاتجاه الآخر  والتضحية بالعامل الوحيد. 

وخرجوا من الغرفة وكل منهم راض عن نفسه، فقد ضحى بواحد في سبيل خمسة، هكذا تقول الأرقام.

طلب المختَبِرون من المرشحين الدخول مرة أخرى لغرفهم، وإعادة نفس الإختبار مع تغيير بسيط.

 أزالوا العصا الإلكترونية، فلا يوجد في هذه التجرية أية محولات للقضبان. 

ولكن ما زال هناك فرصة، وهي أن يلقي المرشح بحمل ثقيل أمام العربة ليوقفها، وفي الفيلم يرى المرشح نفسه يقف على برج المراقبة المقام فوق القضبان ويقف أمامه

 “عم بلال” ذلك الرجل الطيب الذي يستقبلهم يوميا أمام بوابة المؤسسة، تذكر عزيزي القارئ أن هذا خداع بصري استخدمته الشركة في تصوير هذا الفيلم وكان المرشحون على علم بذلك، وكان “عم بلال” يزن أكثر من مائة وستين كيلو جراما، ووضعوا على مكتب كل مرشح دمية تمثل العم بلال ، فإذا اخترت أن ترمى الدمية، ترى العم بلال  و أنت تلقيه في الفيلم من فوق البرج.

وأتت اللحظة الحاسمة وهنا السؤال: ماذا اخترت أنت عزيزي القارئ؟

سؤال اَخر: ماذا تتوقع أن كان اختيار الباقين؟

إليك الإجابة: اختار المرشحون عدم التضحية بالعم بلال، إلا اثنين.

الأول: رمى بنفسه من فوق الطاولة بدلا من الدمية، في إشارة إلى أنه لن يضحي بالعم الطيب ولا بالعمال، وإنما ضحى بنفسه، أنقذ كل العمال وتركهم دون قائد، مما يعني نهايتهم القريبة جميعا إذا استمر الوضع على ما هو عليه.

الثانى: ضحى بالعم بلال، وحين نظر الكل إليه وهم غير مصدقين لما فعل ، 

رد قائلا : لم العجب؟ لقد فعلتم الشيء نفسه في المرة الأولى دون أن تعلموا تفاصيل عن العامل الوحيد ودون أن تروه، كنتم تتعاملون مع الأرقام والمنطق فقط، فاتخذتم القرار الصحيح.

ولكن في المرة الثانية، وحين علمتم من الضحية، تلاعبت المشاعر بقراراتكم، فقرر تم التضحية بالكل في سبيل عدم التضحية بالعم بلال الطيب. ماذا لو قلت لكم أن الخمسة الآخرين كانوا كالتالي: الأول زميلك بالفريق، والثاني والدك، والثالث أخوك و الرابع ابنك والخامس أعز أصدقائك؟

والآن لن أقول لك عزيزي القارئ ماذا فعل الحضور، سأترك لمخيلتك العنان لتخمن من منهم كان الأقدر على اتخاذ القرار السليم؟ بمعنى أصح من منهم الأصلح لمنصب القائد؟






27 - يوليو - 2024

جميع الحقوق محفوظة لموقع 7 اهداف